مع اقتراب قمّة المناخ COP30 في البرازيل، نتذكّر أن الدعوة للعمل المناخي ليست دعوة علمية أو سياسية فحسب، بل هي أيضًا دعوة أخلاقية وروحية عميقة. بالنسبة للمسلمين، يقدّم القرآن إرشادات تناسب كل الأزمنة حول كيفية العناية بالخلق وتعاليم توضح أنّ حماية الأرض هي عبادة.

COP 30 Ummah for earth
© Ummah For Earth

١- هل تعلمون أنّ القرآن يتحدث عن التوازن في الخلق؟

“والسماء رفعها ووضع الميزان.” “ألا تطغوا في الميزان” (سورة الرحمن، آية 7 و 8)

الإنصاف يأتي أوّلاً عندما نتحدّث عن العدالة المناخية. في سبيل حماية المجتمعات الأكثر هشاشةً والتي تحمل الثقل الأكبر لأزمة لم تتسبّب فيها، يجب أن تُوزّع الأعباء بشكل عادل. ومع ذلك، فإنّ العديد من التعهدات المناخية الحالية لا تلبّي العجلة المنصوح بها علميًا، وهي بعيدة عن مفهوم التوازن.

يمكن للجهات الدينية الفاعلة أن تلعب دورًا في تعزيز العدالة والمساواة والتوازن من خلال الاعتماد على المبادئ الإسلامية مثل العدل (العدالة والإنصاف) والشورى (التشاور والمشاركة). إنّ ضمان توزيع عادل للأعباء في قمّة المناخ COP30 هو واجب قرآني لاستعادة التوازن، وليس مجرّد مطلب سياسي.

٢- هل تعلمون أنّ التخفيف من توليد النفايات واجب أخلاقي؟

“إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين” (سورة الإسراء، الآية 27).

بصفتنا خلفاء على هذه الأرض، فإنّ من واجبنا الحفاظ على الكوكب وتجنّب الإسراف، بحيث يُعتبر ذلك فشلاً قد يبعدنا عن التوازن والمسؤولية.

ومع ذلك، في حياتنا اليومية، يغرق عالمنا في النفايات ويستمّر التلوّث البلاستيكي في خنق محيطاتنا. على الرغم من جميع المفاوضات والاتفاقيات الدولية، فإنّ التقدّم بطيء للغاية وغالبًا ما يتّم تأخيره. يُعتبر هدر الطعام وحده أحد أكبر المساهمين في انبعاثات الغازات الدفيئة، بينما يُسرّع هدر الطاقة من تغيّر المناخ.

الوعود دون أسس أخلاقية تخذلنا. تحثّنا التعاليم الإسلامية أن نكون مسؤولين عن أفعالنا، فالهدر ليس ضارًا فحسب، بل هو خيانة للأمانة أيضًا. من خلال ترسيخ أفعالنا في القيم القرآنية، يصبح تقليل النفايات عملاً من أعمال العبادة، وهو ما يمكّن المسلمين من قيادة ودعم المجتمعات الأخرى في بناء عالم متوازن. في قمّة المناخ لهذا العام، دعونا نكون الإلهام الذي يدفع هذا التغيير.

٣- هل تعلمون أنّ الوقف يمكن أن يُطوّع لتمويل المبادرات البيئية؟

الوقف هو الأوقاف الخيرية لدعم الآبار المجتمعية والمدارس والمستشفيات. إنّ استخدام الوقف لتمويل زراعة الأشجار وجمع مياه الأمطار والأسطح الشمسية هو أمر متاح.

ومع ذلك، على الرغم من توفّر هذه الوسائل، فإن الفئات الأكثر ضعفًا غالبًا ما يتم تحييدها من التزامات التمويل المناخي. لدى التمويل الإسلامي القدرة على ضمان العدالة وتأمين تمويل إضافي من خلال الوقف والزكاة  والصكوك الخضراء. باستطاعة التمويل الذي يعتمد على أدوات مستندة إلى القيم الدينية أن يسدّ الفجوات المهمة ويقدّم العدالة في مجال تمويل المناخ في قمّة المناخ COP30. هذا العام، لندعو إلى دمج التمويل الإسلامي في محادثات التمويل المناخي كوسيلة نحو آلية تمويل عادلة وشاملة.

٤- هل تعلمون أنّ الأرض أمانة لا يجب أن نتجاهلها؟

“هو الذي جعلكم خلائف في الأرض” (فاطر، الآية 39).

هذه الأرض ليست لنا؛ نحن أمناء عليها. لكن غالبًا ما تدفع المجتمعات على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ الكلفة الأعلى، بينما ينجح الملوّثون في الإفلات من تحمّل المسؤوليات من خلال أسواق الكربون ومخطّطات التعويض. من أجل التأكّد من الالتزام بالوعود، يجب أن تكون مفاوضات قمّة المناخ COP30 موجّهة بقيم النزاهة والشفافية والمساءلة المتوافقة مع المبادئ الدينية.

٥- هل تعلمون أنّ المبادئ الدينية باستطاعتها أن تُلهم الجهود المبذولة لتحقيق العدالة في قمة المناخ COP30؟

علينا أن نتذكّر كمسلمين أنّ المسؤولية والواجب في رعاية الخلق هي أيضًا نوع من أنواع العبادة. يدعونا القرآن إلى السعي لتحقيق التوازن والعدالة والمسؤولية. في قمّة المناخ COP30، يمكن لهذه القيم أن توجّه المفاوضات؛ فهي ليست كلمات فارغة بل التزامات فعلية لحماية الفئات الأكثر ضعفًا وإقامة التوازن على الأرض.

غالبًا ما تفشل التزامات التمويل المناخي في دعم التكيّف للمجموعات الأكثر هشاشةً التي تعاني بالفعل من واقع الجفاف والفيضانات والنزوح: من هم الأقّل مسؤولية عن التسبّب في أزمة المناخ يُطلب منهم دفع الثمن الأكبر.

لهذا السبب يجب أن ندعو دول الشمال العالمي إلى تمويل جهود التكيّف المناخي بشكل فعّال. العدالة تتطلّب من الدول الغنية أن تلتزم بدفع المستحقاّت للمجتمعات على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ.

انضّموا إلينا في هذا النداء للعدالة المناخية والمساواة من خلال توقيع عريضتنا اليوم. معًا، بالأمل والعمل، يمكننا دفع قمّة المناخ COP30 نحو العمل لخلق مستقبل أكثر عدلاً واستدامة للجميع.