خلق الله الكوكب بنظام محدّد ومتوازن لنتمكّن من العيش فيه والإزدهار. تسلّط الآية 30 من سورة الروم الضوء على أهمية الحفاظ على هذا النظام وتحذّر البشرية من الضرر غير المعروف الذي تسبّبه للتوازن الطبيعي الموجود في الكون. إنّ النظام الذي خلقه الله لنا أساسي، فهو يوفّر لنا الهواء الذي نتنفسّه، والماء الذي نشربه، والطعام الذي نأكله، والبركات الأخرى التي لا تحصى. ومع ذلك، من الضروري ألا نأخذ هذه النعم كأمر مسلّم به، إذ أن أنماط حياتنا الجماعية التي نعتمدها تلحق الضرر بالكوكب من خلال الإخلال بالتوازن الطبيعي للعالم.
على الصعيد العالمي، يؤدّي الاستهلاك المفرط للغذاء والموارد الأخرى إلى تدمير الكوكب ويزيد من التدهور المناخي ومن تلوّث الهواء. ويتسبّب ذلك باستنفاد الأنظمة الداعِمة للحياة على كوكب الأرض، مثل الأنظمة التي تزوّدنا بالمياه العذبة، كما يتسبّب بافتقارنا إلى المواد الضروريّة للحفاظ على صحّتنا وجودة حياتنا.
الدروس التي نستخلصها من شهر رمضان
اختار الله تعالى شهر رمضان المبارك ليغمرنا ببركاته التي لا تُعدّ ولا تُحصى وليجعلنا نقدّر خيراته. يشكّل رمضان فسحة للمؤمنين لتعزيز إيمانهم من خلال الصلاة والتعبير عن الامتنان والاستغفار ومساعدة المحتاجين. وفي هذا الشهر المبارك تزداد رغبتنا في القيام بأعمال حسنة. ولكن في عصر الحداثة هذا، يبدو أنّ الصوم خلال الشهر المبارك اتّخذ منحىً مادّيًا، إذ بات الناس يفكّرون بالمشتريات ومكان الإفطار وكميّة الطعام بدلًا من التركيز على فوائده الهائلة. في شهر رمضان، نصبح أكثر إسرافًا في ما يتعلّق بالطعام واستخدام الموارد. وقد تزداد أيضًا مستويات الهدر في هذه الفترة بسبب عوامل متعدّدة، بدءًا من التسويق التجاري للشهر الكريم ووصولًا إلى كرم المُضيفين الذين يُكثرون المأكولات في المناسبات.
كمسلمين، يجب أن نسعى إلى صون النُظم البيئيّة وضمان استدامة الموارد الطبيعيّة للأجيال المقبلة، مع الحفاظ على التوازن بين البشر والطبيعة. لقد أوصى الرسول ﷺ أتباعه بأنّ الامتناع عن الأكل والشرب يفقد أهمّيته في حال لم يكن المرء واعيًا لتصرّفاته ولتطوّره الشخصي.
“كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش” (إحياء علوم الدين – كتاب أسرار الصوم).
المسلمون مدعوون بشكلٍ أساسي للتفكير في السؤال الآتي: ما هو الهدف من فعل الصيام الجسدي إذا لم نُغيّر أفعالنا وكلماتنا؟ كثيرةٌ هي القيم التي يسعى المسلمون إلى الالتزام بها في حياتهم اليومية، إلا أنّ مراعاة البيئة والاستخلاف في الأرض هما من القيم الوثيقة الصلة بشهر رمضان المبارك بوجهٍ خاصّ.
الإستهلاك ورمضان
للأسف، يستغّل العالم الإستهلاكي شهر رمضان ويقع المسلمون في هذا الفخ. هناك عدد لا يحصى من الأحاديث حول كيفية الإستفادة من أشهر رجب وشعبان للاستعداد للشهر المبارك. ولكن هل نحن نتبع النصائح الموجودة فيها حقًا؟
يبدو أن الأشهر التي يجب أن يتحول فيه تركيزنا نحو الروحانية والإخلاص لله، أصبحت أكثر حول القوة الشرائية. تؤثر الشركات علينا بسهولة لجعل شهر رمضان حالة تجارية.
دليل الوعي البيئي خلال شهر رمضان
كجزء من الجهود المبذولة لتثقيف وتمكين المجتمع المسلم، لقد طوّرت “دليل الوعي البيئي خلال شهر رمضان” لمساعدتنا في عملية التفكير واتخاذ خيارات أفضل للمناخ واستعادة الجوهر الحقيقي لشهر رمضان. يتجاوز الدليل فكرة الطعام والشراب ويحتوي على بعض الإرشادات الرائعة حول الحد من النفايات، والحفاظ على المياه والنقل والصدقة وقوة الصلاة وصوم الرسول ﷺ وغيرها. استوحيت للقيام بعملي هذا من ديني، الإسلام، وهو بطبيعته صديق للبيئة ويظهر الاهتمام بكل شيء من حولنا.
تم منحنا كمسلمين دور الخلفاء، لذلك لدينا مسؤولية كبيرة لحماية مواردنا الطبيعية. دعونا نستخدم شهر رمضان المبارك (وهذا الدليل) كحافز لإظهار المسؤولية في استهلاكنا ولنغير في نمط حياتنا نحو مستقبل أفضل ومستدام بيئيًا.
حمّلوا الدليل وتعرّفوا على كيفية عيش شهر رمضان أخضر صديق للبيئة هنا