الحج 2021: الرحلة في الداخل، والتغيير في الخارج

أتى هذا العام حاملًا معه تحدّياتٍ كثيرة لكلّ سكّان الأرض. وبالنسبة إلى ملايين المسلمين، فرضت علينا الجائحة أن نُغيّر طريقة الصلاة والطريقة التي نلتقي فيها كجماعة. ففي ظلّ تفشّي جائحة كوفيد-19، وحدهم المقيمون في المملكة العربية السعودية استطاعوا أداء فريضة الحج هذا العام. 

بالرغم من ذلك، مع كلّ تحدّي تُتاح لنا فرصةٌ مهمّة للتعلُّم والتغيير. وفي هذا العام، بإمكاننا جميعًا أن نُلقي نظرةً إلى داخلنا للتأمُّل والتعافي معًا. شهدتُ في السنة الماضية تغييرًا جذريًا في أسلوب الحياة الذي اعتدت عليه؛ فبعد أن كنتُ أخرج كثيرًا، أصبحتُ مُجبَرًا  على الانعزال والبقاء في المنزل. لم أستطع الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة أو في شهر رمضان المبارك، وتعذّرت عليّ زيارة المواقع الدينية. بالفعل، كانَ التغيير كبيرًا. 

وفي هذا العام أيضًا، تُفرَض علينا بعض القيود بالنسبة إلى الحج. لكلٍّ منّا قصّة خاصّة يمكنه التماثل معها عن ذكريات العائلة أو الأصدقاء في الحج. لنُشارك جميعًا في قصص التأمُّل في رحلة الحج التي ستُساعِد في تسليط الضوء على القواسم المشتركة، وتوفير مصدر للأفكار المُلهِمة، وتعزيز الترابط، وحتّى بناء آفاق مستقبلية جديدة من خلال نشر روايات الأمّة الجديدة على خارطة القصص. 

يدًا بيد، بإمكاننا أن نسعى إلى جعل أمّتنا أكثر مرونةً، والوقوف معًا في وجه عدم المساواة والظلم والضعف. كثيرون خسروا وظائفهم في العام الماضي، وآخرون فقدوا أحبّاءهم. ولم يحصل الجميع بعد على اللقاحات. وفي موازاة ذلك، ازدادت موجات الحرّ والأعاصير والكوارث الطبيعية، فدفعت الفقراء إلى مزيدٍ من الفقر، وخسرَ الكثيرون سُبُل عيشهم ومنازلهم.  

نحنُ أمّةٌ واحدة، ومن مسؤوليتنا حماية الفئات الأكثر ضعفًا والأكثر تضرُّرًا من الأزمات المتوازية، المتمثّلة في زيادة ظاهرة عدم المساواة وتدمير البيئة.

أمّة لأجل الأرض

الأمّة تعني الجماعة. هي كلمةٌ عربية وردَت في القرآن، لكنَّها مصطلح يُستخدَم في العديد من البلدان والمجتمعات الإسلامية حول العالم وبلغات مختلفة، بما في ذلك الإنجليزية والفرنسية والباهاسا والأردية والفارسية. في العام الماضي، وفي ظلّ تفشّي جائحة كوفيد-19، برهنت الأمّة عن قوّتها والحاحها. 

واليوم، تواجه الأمّة (المجتمع المسلم) تحدّياتٍ غير مسبوقة، أبرزها أزمة المناخ، وعدم المساواة الاجتماعية، والمخاطر الصحّية، والتحدّيات الاقتصادية. ويؤدّي تغيُّر المناخ إلى حدوث كوارث طبيعية كما يُهدّد حياة الكثيرين في كافّة أقطار العالم. على سبيل المثال، أُجبر أكثر من 1300 شخص من السكّان على إخلاء جاكارتا بعد أن تعرّضت العاصمة الإندونيسية لفيضانات موسمية عارمة.

وفي الشهر الماضي، شهدت الكويت موجة حرّ وصلت فيها درجات الحرارة في شمال الكويت والعبدلي والجهراء إلى 50 درجة مئوية، ما جعلَ الناس أكثر عرضة للخطر. فالخطر يداهمنا جميعًا بطرق مختلفة، لكنَّ أملنا يكمن في تعاوننا معًا واعتنائنا ببعضنا. 

يؤلمني أن أرى أمّتنا تُعاني كلَّ يومٍ، وهذا يدفعنا إلى دعم بعضنا البعض والعمل من أجل حماية هؤلاء الأشخاص المعرّضين للخطر.

للأمّة إطارٌ بيئي خاصّ بها

  

لدينا كمسلمين إطار بيئي يجب أن نلتزم به. وهو مُحدَّدٌ في الإسلام. فالإسلام يطرح خارطة طريق قائمة على القِيَم لمعالجة المشاكل التي يواجهها الإنسان اليوم. 

يُشدّد الإسلام على المسؤولية العميقة التي تقع على عاتق الإنسان بوصفه وكيلًا على الأرض. فكلُّ ما في الطبيعة هو هبةٌ مُنِحَت لنا. نحن وكلاء على الأرض – ولسنا المالكين – وباستطاعتنا أن نتعلّم العيش بطريقة أكثر توازنًا. 

يجب أن نتّحد تحت راية الأمّة، ونحرص على استخدام كلّ الموارد استخدامًا مستدامًا. تقع على عاتقنا كخليفة مسؤولية التغيير على المستوى الفردي (نمط الحياة)، إنّما أيضًا على مستوى مجتمعنا (العمل مع النوادي والمساجد) وفي جميع أنحاء العالم (الضغط على صنّاع القرار لوضع مسألة تغيُّر المناخ ضمن الأولويات، ضرورة إيجاد حلّ عالمي للمشاكل العالمية، مؤتمر الأطراف، إلخ…). من واجبنا ألّا نُخلّ بميزان الطبيعة. فمخلوقات الله تستحقّ الحِمى. يمكننا كأمّةٍ واحدة أن نُفكّر ونتعافى معًا، ويمكنك أن تساعد بشكلٍ ناشط لإطلاق هذا المسار. لذلك، ندعوك لمشاركة قصص التأمُّل في رحلة الحج التي ستُساعِد في تسليط الضوء على القواسم المشتركة، وتوفير مصدر للأفكار المُلهِمة، وتعزيز الترابط، وحتّى بناء آفاق مستقبلية جديدة. قد تكون قصّتك، أو قصّة صديقك أو جارك أو أحد أفراد عائلتك. 

الأفكار المُلهِمة / المصادر / الموارد / الروابط