مع اقتراب الذكرى الخامسة لإتفاقية باريس للمناخ تمر علي أطياف الذكريات زُمراً، فكثيراً ما أشرد لأسطرد الذكريات فأضحك لوحدي تارةً او احكي ما اذكره لحظتها لرفيق أو صديق أملاً في مشاركتي الفرح. لم أكن ادري و لم يخطر ببالي قط حينما بدأت العمل المناخي أن أقف هنا اليوم وبعد أقل من عقد من الزمان, هذا ما كان يقال لي ممن سبقوني.

! “رب ضارة نافعة” كان هذا شعار المرحلة

طالبة كلية العلوم قسم الفيزياء، نشطة وفاعلة في جميع الأنشطة الجامعية، كثير من الطاقة و قليل من التركيز. رغم انشغالها الدائم إلا أنها كانت تعاني من الفراغ العريض داخلها، كيف لا وقد تربت وترعرعت على فكرة انها ستضع بصمة في العالم، و لكن كيف؟ كيف و هي فقط مجرد طالبة في السنة الأولى في مكان مغمور من العالم الثالث، يعاني شتى المرارات و تدهور مريع و سريع في كل اوجه الحياة. ثم أغلقت الجامعة لما يزيد عن 3 أشهر لأسباب سياسية. اتسع الفراغ بداخلي حتى كاد أن يبتلعني

“اعملوا، فكل ميسر لما خلق له”

اثناء اغلاق الجامعة تذكرت هواية و اهتمام قديم.. الطبيعة! بعد كثير من البحث و التقصي و ال googling استطعت ان اجد خيطاً يربط كل او جُل ما نعانيه في السودان بالطبيعة. ولكن لماذا؟ ماذا فعلت الطبيعة او ماذا فعلنا للطبيعة كي نعاني هكذا؟ “سؤالٌ صعب، سؤالٌ صعب، سؤالٌ يراودوني”

لكي أعرف المزيد تطوعت مع الجمعية السودانية لحماية البيئة، واحدة من أقدم المؤسسات التي تعنى بالبيئة تأسست عام 1975، ظللت اراقب وأتعلم و أعمل عاماً تلو الآخر حتى أكملت ال4 أعوام.

“و جعلنا من الماء كل شيء حي” 21:30

أثناء تطوعي مع الجمعية السودانية لحماية البيئة مررت بمراحل نمو مختلفة و في كل مرحلة كانت تزداد قناعتي بأن الحل أمامنا، الحل في الطبيعة! زرت عدة مناطق ورأيت كيف يعاني الناس من شح الموارد الطبيعية (الماء و الغذاء) و الانحدار الجنوني لمناسيب الأمطار وبالتالي انعدام أشكال الحياة في عدة مناطق.  رأيت كيف بدأت الصراعات و كيف خسرنا أرواحاً طاهرة بسبب قطرة ماء أو حزمة كلأ او حبة خضر.

“ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس”30:41 

مصطلح التغيُر المناخي غيَر حياتي! علمت أننا نحاسب بجريرة لم نرتكبها و نعاني بسبب اخطاء آخرين. و كلما كنت دائماً أميل للعدل و لاعطاء كل ذي حق حقه قررت أن أواصل المسير حتى الوصول الى العدالة المناخية و حتى نحافظ على حقنا في التنمية كبلد مصنفة من الدول الأقل نمواً

الأدهى و الأمر و محركي الأكبر هو مسؤوليتنا تجاه الكوكب و تجاه الأجيال القادمة. ماذا سنقول لهم ؟ هل سيكون لدينا ولديهم مستقبل؟ انخرطت في عدة مؤسسات شبابية عالمية وإقليمية تعمل من أجل المناخ وجدت حركة دؤوبة و تفاني مطلق من الشباب لأجل القضية و تعلمت ايضاً ان السودان ليس الوحيد المتأثر بل العالم اجمع مع اختلاف الأثر من مكان لآخر

.لهذا بدأت العمل من أجل المناخ و لهذا سأواصل المسير