يؤثّر تغيّر المناخ علينا جميعًا، لكن بشكلٍ غير متساوٍ. يجب أن تكون عملية التكيف والتعافي من آثار تغير المناخ شاملة وعادلة، ومع ذلك يتّم استبعاد بعض الفئات.

تغيّر المناخ هو واقع نختبره يوميًا بوضوح وأزمة عالمية ملحة، وتتجّلى العديد من مظاهره على حساب المجتمعات المتضّررة في جميع أنحاء العالم، والتي تعاني من آثاره في حياتها اليومية وفي تأمين سبل عيشها بسبب عوامل مثل الجفاف الذي يزداد شدّةً وتواترًا وظواهر الطقس المتطرفة مثل الفيضانات وموجات الحر وما تولّده من آثار على الزراعة والأمن الغذائي وتكلفة المعيشة.

تُترجم الجهود العالمية لإيجاد الحلول والتعاون والتكيف من خلال تقارير ومبادرات سنوية وتغييرات في السياسات ومؤتمرات دولية من أهمها تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ومؤتمرات الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ. ومع ذلك، يبدو أن العدالة المناخية ما زالت بعيدة المنال: فعلى أرض الواقع، تدفع البلدان التي لم تساهم كثيرًا في حالة الطوارئ المناخية التكلفة الأعلى، في حين أن البلدان التي لعبت دورًا كبيرًا في تبلور هذه الأزمة لم تتحمّل مسؤوليتها بعد.

ما هي العدالة المناخية؟

تبدأ العدالة المناخية من الإعتراف بأنّ تغير المناخ يمكن أن يؤثر بشكل ثقيل وغير متساوٍ على مختلف البلدان والمجتمعات والمجموعات، ممّا يعني وجود تفاوتات من حيث آثاره.

يشير المصطلح أيضًا إلى أن المجتمعات ذات الدخل المنخفض والفئات المهمّشة تتحمّل أسوأ النتائج المتولدة عن حالة الطوارئ المناخية في حين أنّها لم تكن اللاعب الأساسي في وصولنا إليها.

وتتضمّن العدالة المناخية فكرة أن البلدان النامية لا تملك الوسائل المتكافئة للتعافي والتكيف، وأن آثار تغير المناخ يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الظروف الاجتماعية والاقتصادية غير العادلة، وبالتالي فهي فكرة “التوزيع العادل للأعباء والفوائد”.

العدالة المناخية من منظور إسلامي

“في ثروة الأغنياء تكمن حقوق الفقراء”، إمام صافت كاتوفيتش

تدعونا القيم والمبادئ الدينية الإسلامية إلى حماية حقوق المجتمعات الأكثر عرضةً والدفاع عنها وعن بعضنا البعض. يقيم غالبية المسلمين في دول الجنوب العالمي التي يؤثر تغير المناخ عليها بشكل كبير، لذلك تُعتبر أمتنا مسؤولة عن الاعتراف بهذه المشكلة ومعالجتها كجزء من الخلافة البشرية على هذه الأرض وعلى جميع أشكال الحياة عليها.

الجنوب العالمي: العدالة المناخية هي أكثر من مجرد قضية بيئية

نحن نعيش في منطقة تختبر صراعات ومشاكل إجتماعية واقتصادية مستمرة. لدى كل فرد منا مخاوف

 عديدة بما في ذلك تكلفة المعيشة، والحفاظ على سلامته، وانقطاع التيار الكهربائي وغيرها كأولويات، في حين أن آخر ما يتبادر إلى أذهاننا هو مسألة تغير المناخ.

ومع ذلك، لم يعد تغير المناخ محصورًا بكونه مسألة بيئية فقط، إلّا أنه أيضًا عنصر أساسي يؤثر بشكل كبير ومباشر على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأنظمة الحالية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

على مر السنوات، ألقى النشاط البشري ثقله بالإضافة إلى النشاط الصناعي والسياسات الاستعمارية على الجنوب العالمي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لقد عانينا بما فيه الكفاية من عواقب أوجه الظلم هذه، والتي ستواجه منطقتنا بسببها آثار تغير المناخ بشكل أسرع وأقوى مقارنة بالمناطق الأخرى، وقد لا تكون لديها الأدوات والموارد المناسبة لمواجهتها والتكيف معها.علينا أن نحمّل حكوماتنا المسؤولية لتسريع الانتقال العادل إلى الطاقة المتجددة، كما أننا بحاجة إلى تبادل المعرفة والتعويضات المادية من بلدان الشمال العالمي المسؤولة تاريخيًا عن أزمة المناخ.

من المهم جدًا في هذه المرحلة أن تمد البلدان المتقدمة يد المساعدة سواء من خلال التمويل أو تبادل أي نوع من المعرفة الذي قد يكون مفيدًا في التصدي للآثار، وأن يدفع الملوثون الكبار الثمن ويحاسبون لحماية حقوقنا في بيئة صحية وآمنة. حان وقت تأدية دورنا وتحمل مسؤوليتنا في المنطقة وكجزء من الجنوب العالمي ورفع أصواتنا قبل وأثناء مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ بنسخته ٢٧ للضغط على قادة العالم والحكومات للإتفاق وتلبية مطالبنا.

شاركوا معنا في التعليقات: كيف تأثر بلدكم بأزمة المناخ وكيف أثر ذلك على الحياة داخل مجتمعاتكم؟